يعطي التفجير الأخير، الذي وقع اليوم السبت في العاصمة الأفغانية كابول، دلالة خاصة عن المنافسة الإرهابية بين تنظيمي داعش والقاعدة. ويظهر التفجير انتقال المنافسة بين تنظيم داعش مع تنظيم القاعدة في تنفيذ العمليات الإرهابية، من القتال بين جبهة النصرة وداعش في سوريا، بتنفيذ داعش عمليات إرهابية في عقر دار تنظيم القاعدة.
وشهدت العاصمة الأفغانية تفجيراً ضخما اليوم السبت، أدى إلى مقتل 80 شخصا وجرح 231، واستهدف التفجير الذي تبناه تنظيم داعش مظاهرة أبناء أقلية الهزارة، الذين يتحدثون الفارسية وأغلبهم من الشيعة، يشكلون حوالي 9% من سكان أفغانستان، وهم ثالث أكبر أقلية فيها، لكنهم يعانون منذ فترة طويلة من التمييز، ولقي الآلاف منهم حتفهم أثناء حكم طالبان.
وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن التفجير في المنطقة التي شهدت ميلاد تنظيم القاعدة قبل 18 عاما، في 1998، عندما أعلن أسامة بن لادن ومساعده أيمن الظواهري تدشين تنظيم القاعدة تحت اسم الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين.
نفذ تنظيم القاعدة بعد هذه الإعلان، عدة عمليات إرهابية استهدفت مصالح أمريكية وغربية كانت بدايتها تفجيري سفارتي أمريكا في كينيا وتنزانيا عام 1998، ثم تفجير المدمرة الأمريكية كول في سواحل عدن اليمن عام 2000، وصولا لتفجيرات 11 سبتمبر/أيلول عام 2011، ونسب للتنظيم عدة عمليات إرهابية في محطات مترو لندن عام 2005، بالإضافة لتفجيرات في العاصمة الإسبانية مدريد ومدن أوروبية وعواصم عالمية أخرى.
وعلى الرغم من أتباع تنظيم القاعدة وداعش نفس المنهج التكفيري واللجوء للعمليات الإرهابية، غير أنه منذ انشقاق تنظيم داعش عن تنظيم القاعدة منذ عام 2014، بعد استيلائه على مساحات واسعة من الأراضي العراقية والسورية وتنصيبه أبوبكر البغدادي خليفة له، بما يمثل إعلان عن الانشقاق عن تنظيم القاعدة الذي يتزعمه أيمن الظواهري خلفا لأسامة بن لادن.
وظهرت منافسة بين التنظيم وصلت حد وجود مواجهات مسلحة بينها في الأراضي السورية، واشتباكات بين عناصر داعش وتنظيم جبهة النصرة الذي يتبع تنظيم القاعدة في سوريا.
كما توسع تنظيم داعش لينافس القاعدة في عدة مناطق ينشط بها، بإعلان وجوده في عدة مناطق في العالم وبخاصة أفريقيا، منها في سرت بليبيا وانضمام جماعة بوكو حرام الإرهابية في نيجيريا إليه بإعلان مبايعتها للبغدادي، وذلك في منافسة لتنظيم القاعدة التي ينشر في بلاد المغرب العربي، بالإضافة لنشاط لانضمام تنظيم بيت المقدس في شبة جزيرة سيناء لداعش.
ونفذ تنظيم داعش على غرار تنظيم القاعدة، عدة عمليات إرهابية في العديد من عدة مدن وعواصم في العالم، منها تفجيرات باريس وبروكسل والاعتداء على ملهى ليلي في مدينة أولارند بولاية فلوريدا الأمريكية، وأخيرا حادث الدهس في مدينة نيس الفرنسية.
وكان تنظيم داعش الذي يعد الأب الروحي له أبو مصعب الزرقاوي كان يعمل منذ عام 2004، عقب الاحتلال الأمريكي للعراق، تحت لواء تنظيم القاعدة وحمل اسم تنظيم القاعدة في بلاد السام والرافدين، حتى تمكن التنظيم من زيادة نفوذه في العراق وسوريا بانضمام مجموعات مقاتلة من الأجانب، ليعلن بعد عشر سنوات انشقاقه عن القاعدة، لتشهد بعدها منافسة بين وبينه تنظيم الأم بعد أن حقق انتصارات وتوسع على الأرض جعلته الأكثر شهرة وتأثيراً وعنفا عن تنظيم القاعدة.
