ارتبط التغيير الوزاري الجديد في قطر، اليوم الأربعاء، بتوقعات الدوائر السياسية العربية، أن تتبنى قطر “دبلوماسية المصالحة” مع الواقع الراهن، عربيا وإقليميا ودوليا، وإعادة النظر في سياساتها الخارجية، مع التعديل الوزاري الذي شمل تعيين الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزيرا للخارجية، وتعيين خالد العطية وزير الخارجية المنتهية ولايته وزيرا للدولة لشؤون الدفاع، واختيار وزراء معروفين بالاعتدال والتوجه العربي القومي، بينهم صلاح بن غانم العلي، وزيرا للثقافة والرياضة، وعيسى بن سعد الجفالي النعيمي، وزيرا للتنمية الادارية والعمل والشؤون الاجتماعية، وجاسم بن سيف السليطي وزيرا للمواصلات والاتصالات، ومحمد بن عبدالله الرميحي وزيرا للبلدية والبيئة .
ويرى محللون سياسيون أن التعديل الوزاري الجديد، ليس له علاقة بسياسة تقشف تتبناها قطر مع انهيار أسعار النفط عالميا، وانخفاض صادراتها من الغاز إلى النصف تقريبا، ولكن التعديل الوزاري يحمل مؤشرات بـ”تعديل التوجه القطري تجاه قضايا عربية وإقليمية” حسب تعبير السفير عبد الفتاح راغب، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، وأن اختيار الدبلوماسي الشاب “القدير” الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزيرا للخارجية، يشير إلى بدء مرحلة جديدة في السياسة الخارجية، تتواءم مع التوجه الذي عبر عنه مؤخرا أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، ووضح جليا خلال زياراته الأسبوع الماضي لموسكو، ودعمه للدور الروسي في سوريا، والدعوة إلى مساندة عملية التسوية السياسية لحل الأزمة السورية.
وقال “راغب” للموقع الإلكتروني لقناة «الغد»، من المتوقع أن نشهد تغيرا ملموسا في السياسة الخارجية لقطر، والتي أثارت “حساسيات عربية” وعدم ارتياح، وأحيانا تجميد في العلاقات مع الأشقاء العرب، تزامنت مع وقائع وأحداث ما كان يعرف بـ”الربيع العربي” وكان هناك تناقض مع مواقف وسياسات دول خليجية أخرى، رغم عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، مما وصفه الخليجيون بأنها ” تغرد خارج السرب”، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع التنظيمات الإخوانية في مصر وتونس.
ومن جانبه توقع الخبير السياسي المصري، أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور محمد سيد أحمد، أن تنتهج قطر “دبلوماسية المصالحة” تجاه دول عربية وفي المقدمة مصر، ومواقف أكثر اعتدالا “وحنكة سياسية” بشأن العديد من القضايا الإقليمية مثل الملف السوري واليمني والعراقي، وأيضا تجاه ملف العلاقة مع الإخوان المسلمين.
وقال سيد أحمد للموقع الإلكتروني لقناة الغد، من المرتقب ومع مؤشرات التعديل الوزاري الجديد، أن تتبنى قطر سياسة الانفتاح مع الدول العربية، وكذلك مع إيران، بعد رفع الحصار الدولي عنها إثر توقيعها للاتفاق النووي مع الدول الغربية.
وأضاف قائلا إن التطورات والمتغيرات في المنطقة، أسهمت في إعادة قطر لتقديرات حسابات سياساتها الخارجية، وبات واضحا التغيير في المرحلة الأخيرة، تجاه الملف السوري، وتخلت عن المطالبة بالتدخل العسكري ودعم الجماعات المتشددة أو المعارضة السورية المسلحة، وانحازت صراحة للموقف الروسي في سوريا، ولتسوية سياسية تلبي مطالب السوريين، وهو توجه مغاير تماما للموقف القطري السابق، والذي أثار موجه من العداء للقطر، مع تحميلها مسؤولية كبيرة في دعم التنظيمات الإسلامية للوصول الى السلطة والهيمنة على دولهم، ما تسبب في هذه الفوضى الشاملة التي تعمّ المنطقة وفي انتشار الإرهاب على نطاق واسع.
ويؤكد الخبير السياسي المصري أن قراءة التعديل الوزاري في قطر، من أجل تعيين وزير خارجية جديدة، تشير إلى أن أمير قطر ربما يريد تغيير سياسة بلاده من أجل تحسين علاقاتها مع محيطها العربي، مع اختيار قيادة شابه للخارجية القطرية، برزت مؤخرا على الساحة السياسية القطرية، وتولى مهام وملفات صعبة، ورافق أمير قطر في غالبية جولاته الخارجية، وخاصة إلى موسكو مؤخرا، وهي الزيارة التي حملت مؤشرات ايجابية نحو سياسة قطرية خارجية جديدة، وكان المبعوث الشخصي لأمير قطر إلى مصر، والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي في إطار الوساطة السعودية للمصالحة بين مصر وقطر ، قبل أكثر من عام ، وفي القاهرة كانت تصريحاته تعبر عن شخصية دبلوماسية متزنة وواعية لأبعاد دورها، ويصفه الدبلوماسيون العرب بأنه يتمتع بثقافة واسعة ، وشخصية قوية مؤثرة، وحريص على تنقية الأجواء العربية.
