كشفت الدوائر السياسية في الرباط، عن عدم ارتياح المغرب للموقف المصري، داخل الاجتماع المغلق لقمة الاتحاد الأفريقي، الأحد الماضي، بعدم توقيعها على طلب المملكة المغربية، بتجميد عضوية «جبهة البوليساريو» في الاتحاد، وعدم تفهم موقف مصر المفاجئ، ما أثار «عتابا سياسيا» من المغرب للشقيقة مصر، بحسب تعبير الدوائر السياسية «الرسمية» في المغرب.
وتناولت وسائل الإعلام المغربية، المقربة من القصر الملكي، ما حدث بأنه تراجع مصر عن «الموقف الصحيح»، بينما كتبت صحيفة أخبار اليوم المغربية، على صدر صفحتها الأولى، اليوم الأربعاء، أن «السيسي يخذل محمد السادس في لحظة حاسمة»، بعد أن كشفت لائحة الدول الأفريقية التي سارعت إلى التوقيع على مذكرة مغربية «ملتمس»، خلال قمة الاتحاد الأفريقي الأخيرة، يدعو إلى تجميد عضوية البوليساريو ضمن هذه المنظمة القارية، تخلّف مصر عن وضع توقيعها في الوقت الذي حصل الملتمس على توقيعات 28 دولة أفريقية صديقة للمغرب.
«العتاب السياسي» لا يصل إلى احتجاج، ولن يتسبب في أزمة بين البلدين، بحسب مصدر دبلوماسي مغربي، رفيع المستوى، مفسرا لصحيفة أخبار اليوم المغربية، أسباب تخلّف بعض الدول التي تعتبر صديقة للمغرب عن توقيع الملتمس، بضيق المدة التي تم خلالها تقديم الوثيقة وجمع توقيعات زعماء الدول عليها، إلى جانب مواجهة بعض الوفود صعوبات في التشاور مع قادتها الذين لم يحضروا القمة.
إلا أن سياسيين وحزبيين يعتقدون أن سبب ضيق الوقت، الذي أشارت إليه مصادر دبلوماسية مغربية رسمية، ليس عذرا، بل أنه يسقط عن الحالة المصرية، حيث حضر الرئيس عبد الفتاح السيسي شخصيا أشغال القمة، كما استقبل الأسبوع الماضي في القاهرة وزير الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، الذي نقل إليه رسالة ملكية في سياق التحضيرات التي سبقت إعلان المغرب عودته إلى الاتحاد الأفريقي.
ويرى الخبير المغربي في الشؤون الإفريقية، الموساوي العجلاوي، أن مواقف الدول التي لم توقع على الملتمس المغربي، مثل تونس والنيجر ومالي، يرجع إلى التخوف من الانتقام الجزائري، أما موقف موريتانيا فهو يشير إلى أنها مازالت ضحية اعتقاد أنها ستلعب دورا أكبر من حجمها في ملف الصحراء.
وأضاف العجلاوي، في تصريحه للصحافة المغربية، «أعتقد أن موقف مصر التي لم توقع، يوضح إنزعاجها من عودة المغرب كقوة اقتصادية ودينية إلى أفريقيا، وتعتبر المغرب حاجزا أمام توسيع نفوذ مصر في هذه القارة».
ويؤكد الدبلوماسي المصري، السفير عبد الفتاح راغب، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن الدبلوماسية المصرية، حريصة على تنقية الأجواء، وتوطيد العلاقات داخل الاتحاد الأفريقي، والقيادة السياسية في المغرب تدرك هذا جيدا، كما أن دور مصر التاريخي في القارة ليس محل مقارنة أو منافسة من دول أخرى.
وأضاف لـ«الغد»، أن مساءلة الطلب المغربي بتجميد عضوية جبهة البوليساريو في الاتحاد الأفريقي، أخذت بعدا أكبر من حجمها بكثير، فمصر لم ترفض التوقيع، ولكن هناك إجراءات متبعة داخل الاتحاد ووفقا لنظامة الأساسي، لا بد أن تتبع أولا، فيما يخص العضوية أو سحبها، والدبلوماسية المصرية لعبت دورا في تحفيز المملكة المغربية لاستعادة مقعدها داخل الاتحاد، كإحدى الدول العربية والأفريقية الهامة في القارة، ولكن هناك مشاورات في إطار موقف سابق من منظمة الوحدة الأفريقية، قبل أن تتحول إلى الاتحاد الأفريقي، وكان الموقف خاصا بـ«الجمهورية الصحراوية»، ومن يمثلها مثل جبهة البوليساريو.