تجديد الخطاب الديني.. «الهند باكستان.. محمد إقبال: الإيمان عقل»

كتب – مصطفي عبادةالأهرام العربي.

طبعا أنت سمعت عن محمد إقبال، وتعرف أنه كان برهميا عميقا، تخلى عن كل امتيازاته الطبقية فى الهند، ودخل الإسلام، وصار علما مبرزا من أعلام الإسلام فى القرن العشرين، وستثق ربما من دون تفكير فى كل ما يقول، لكن ما ينقل عنه، ليس آراءه الحقيقية فى التفكير الدينى، وفى الإسلام، صدروا لك لأمور تخصهم كتاباه عن عظمة الإسلام، وإذا الإيمان ضاع فلا أمان ولا دنيا لمن يحيى دنيا، لكنه فى الحقيقة بعد أن دخل الإسلام ، فجع من كسل المسلمين الفكرى، وجهلهم وبلادتهم، وتوحشهم الإنسانى، فكتب كتابا جميلا، وعميقا، فى الوقت نفسه عنوانه «تجديد الفكر الدينى»، لاحظ من فضلك، تجديد الفكر، وليس الخطاب الدينى، فالخطاب ترجمة للفكر، وإذا كان الفكر عليلا فالخطاب قنبلة موقوتة.

أولا قام مشروع محمد إقبال، على أن الإيمان، ومن ثم الإسلام بكل نظمه، هو عمل عقلى فى الأساس، لا خرافات وطقوس تؤديها فتصبح مسلما، بل إنه يستشهد بمقولة لمفكر غربى هو «هوايتهد» تقول: إن عصور الإيمان هى عصور النظر العقلي، ويسأل إقبال وهو يريد أن يحدد التفكير الإسلامى: هل من الممكن أن نستخدم فى مباحث الدين المنهج العقلى البحت للفلسفة، خصوصا أن روح الفلسفة التى هى روح البحث الحر، تضع كل سند موضع الشك ووظيفتها أن تتقصى فروض الفكر التى لم يمحصها النقد.

ثانيا، القرآن، وهو النص المقدس، ينبغى إعادة النظر فى تفسيره وفحص تراكمات المفسرين، الذين عبروا عن أنفسهم، وعن زمنهم، لا عنك ولا عن زمنك، ولم يفكروا بالنيابة عنك، فلماذا تنيبهم أنت عن نفسك، وهم لم يطلبوا ذلك، ولو طلبوه لكان مستحيلا، يرى محمد إقبال أن الهدف الأسمى للنص القرآنى، غير أنه محفز روحى، هو بيان ما بين الخالق، وبين الكون من علاقات متعددة، والإسلام لإدراكه ما بين المثال والواقع من اتصال يستجيب لعالم المادة ويبين طريقة السيطرة عليها بغية الوصول إلى كشف أساس لنظام واقعى للحياة، ويكمل محمد إقبال كأنه ينظر بعين الغيب إلى مآل القرآن بيننا، أن أول ما يقرره القرآن فى ذلك هو أن العالم لم يخلق عبثا، لمجرد الخلق لا غير، وفوق هذا فالعالم مرتب على نحو يجعله قابلا للزيادة والامتداد، فليس العالم كتلة ولا إنتاجا مكتملا، بل ربما استقر فى أعماق كيانه حلم نهضة جديدة. هذا رأى فيلسوف مسلم فى القرآن، وكيف أن الله بين فيه نقصان الكون، وترك لك أنت أيها المسلم إكمال هذا الجزء الناقص بالتفكير والكشف العلمى والحرية فى السؤال، لا أن نجعل من المصحف الشريف أداة لنيل البركة، تضعه فى البيت فوق أو فى النيش، أو فوق تابلوه العربية، حتى لا تنقلب بك لكنها تنقلب، وتتهشم وتموت أنت، وبلطخ المصحف بدمائك، وفق محمد إقبال، لا شىء فى الكون جاهزا أو مكتملا، وعليك إذا آمنت بالله، وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، أن تستكمله، وتكشف مخبوءه، أى أن تصبح أنت أوروبا الآن، لا أن تحشو رأسك بمقولات الغزو والجهاد وتعزو تخلفك لتقاعسك عن الجهاد، وأسر الناس، وبيعهم فى سوق النخاسة، كما أفهمك أبو إسحاق الحوينى.

بالتدريج، يمضى محمد إقبال، فى تجديده للفكر الإسلامى، فبعد القرآن يأتى حامل القرآن، الذى هو محمد صلى الله عليه وسلم والذى هو خاتم الأنبياء، وختام النبوة، كما أفهموك، تعنى اكتمال الدين، وأسرك داخله لا تغادر مقولاته الزمنية، التى قال بها الرجال المؤمنون الأول، وهذه كذبة أخرى، استقرت فى وجدانك، وجعلتك مهووسا فزعا وثابا، تتصور أن الكون كله يتآمر ضد دينك العظيم، وأنت تقدمه لهم فى صورة مزرية، فختام النبوة بمحمد كما يرى إقبال، هو فتح المجال لحريتك الشخصية فى التفكير، يقول إقبال إن النبوة فى الإسلام لتبلغ كمالها الأخير إدراكها الحاجة إلى إلغاء النبوة نفسها، وهو أمر ينطوى على إدراكها العميق لاستحالة بقاء الوجود معتمدا إلى الأبد على مقود يقاد منه، وأن الإنسان لكى يحصل كمال معرفته لنفسه ينبغى أن يترك ليعتمد فى النهاية على وسائله هو، إن إبطال الإسلام للرهبنة ووراثة الملك، ومناشدة القرآن للعقل والتجربة على الدوام، وإصراره على النظر فى الكون والوقوف على أخبار الأولين من مصادر المعرفة الإنسانية، كل ذلك صور مختلفة لفكرة انتهاء النبوة.

يدعو إقبال، بناء على ما تقدم، المسلمين إلى التخلص من النظر إلى الدنيا، مع أنها مجال اختبار لإيمانك، لتفوز بالجنة، أو تذهب مدحورا إلى النار، فالقرآن وفق محمد إقبال، لا يعتبر الأرض ساحة للعذاب سجنت فيه إنسانية ةشريرة العنصر بسبب ارتكابها خطيئة أصلية، فالمعصية الأولى للإنسان، كانت أول فعل له تتمثل فيه حرية الاختيار، ولقد تاب الله على آدم وغفر له، وعمل الخير لا يمكن أن يكون قسرا، بل هو خضوع عن طواعية ليمثل الأخلاقى الأعلى خضوعا ينشأ عن تعاون الذوات الحرة المختار عن رغبة ورضى، والكائن الذى قدرت عليه حركاته كلها، كما قدرت حركات الآلة لا يقدر على فعل الخير، وعلى هذا فإن الحرية شرط فى عمل الخير، لكن السماح لظهور ذات متناهية لها القدرة على أن تختار ما تفعل بعد تقرير القيم النسبية للأفعال الممكنة لها، هو فى الحق مغامرة كبرى، لأن حرية اختيار الخير تتضمن كذلك حرية اختيار عكسه.

أصبحت الآن حرا فى نظر محمد إقبال، فإليك حقيقة الجنة والنار التى ترغب فى دخولها، أو الهروب منها، يقول محمد إقبال، إن الجنة والنار حالتان لا مكانان، ووصفهما فى القرآن تصوير حسى لأمر نفسانى، أى لصفة أو حال، فالنار هى إدراك أليم لإخفاق الإنسان بوصفه إنسانا، أما الجنة فهى سعادة الفوز على قوى الانحلال، وليس فى الإسلام لعنة أبدية، ولفظ الأبدية الذى جاء فى بعض الآيات وصفا للنار يفسره القرآن نفسه بأنه حقبة من الزمان.

بقى، فى مشروع محمد إقبال لتجديد الفكر الدينى، كيف تدير حياتك، وما الحكومة التى ينبغى أن تحكمك؟ احذر أن تجيب أنها الخلافة، لأن محمد إقبال سينسف لك وهمك نسفا غير رحيم، فالخليفة دائما يستر إرادته المستبدة وراء عصمته المزعومة، لماذا إذا كنا مسلمين لا نختار خليفة ويكون معصوما؟ ألا يحكم بشرع الله، كما يقول المتحمسون للخلافة؟ اسمع محمد إقبال وتأمل تاريخ الخلافة فى العالم الإسلامى، يقول إقبال: إن روح التوحيد بوصفه فكرة قابلة للتنفيذ هو المساواة والاتحاد والحرية، والدولة فى نظر الإسلام هى محاولة تبذل بقصد تحويل هذه المبادئ المثالية إلى قوة مكانية وزمانية، هى إلهام لتحقيق هذه المبادئ فى نظام إنسانى معين، والدولة فى الإسلام ليست ثيوقراطية، أى دينية إلا بهذا المعنى وحده، لا بمعنى أن على رأسها خليفة على الأرض يستطيع دائما أن يستر إرادته المستبدة ور اء عصمته المزعومة، فالحقيقة القصوى فى نظر القرآن روحية ووجودها يتحقق فى نشاطها الدنيوى، و«فليس ثمة دنيا دنسة وكل هذه الكثرة من الكائنات المادية إنما هى مجال تحقق الروح وجودها فيه، فالكل أرض طهور”.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]