تجديد الخطاب الديني«الجزائر.. محمد أركون: عجز السلفيين وخرافة الإسلام هو الحل»

كتب – مصطفي عبادة – الأهرام العربي.

ربما تبقى المحاولة الأعمق لنقد التراث العربى، وقراءته قراءة جديدة مغايرة ومختلفة، عن كل من تناول هذا الموضوع، تبقى من نصيب المفكر العربى محمد أركون فى كتابه:«نحو نقد العقل الإسلامى» الذى صدر بالفرنسية فى باريس سنة 1984، وفيه وفى غيره مارس النقد القاسى لإنتاج العقل الإسلامى. منذ بدء الرسالة المحمدية مرورا بكل حقب التاريخ الإسلامى، وكان أركون أول من استخدم مصطلح «القطيعة مع التراث» خصوصا تراث الممارسات السلوكية لبشرى عاشوا فى أزمنة مغايرة للعصر الحديث، مع إلقاء الضوء على منجزات العقل الإسلامى فى مجالات أخرى غير الفقه، نقطة الضعف المركزية فى حاضر العالم الإسلامى، وطبق أركون فى قراءته للتراث العربى والإسلامى العلوم الحديثة فى فن الخطاب، وعلم الاجتماع والأسلوبية وغيرها من المدارس النقدية المعاصرة، ليس بهدف التخلص النهائى من التراث وإنما الإبقاء على النافع فيه، دون الاستغراق فى التفاصيل، مع ضرورة استفادة العقل الإسلامى من منجزات الحداثة الغربية للخروج من حالة التخلف والدونية التى يشعر بها العربى الحديث.

يضع أركون يده بداية على اللحظة التى انقطع فيها العربى عن تراثه العلمى والفكرى، واستغرق فى مسائل الفقه، ومركزية المرأة تمثلت تلك النقطة فى الاحتلال العثمانى للعالم الإسلامى، ومعه دخل العقل الإسلامى فى قطيعة داخلية تمثلت فى ترك أسمى إبداعات العقل الكلاسيكى الإسلامى، وكرست للانخطاط ثم عزلت العقل الإسلامى عن العالم الخارجى وعن التطور والتقدم الأوروبى الذى انتهى بتكريس التفوق الغربى ودويقة العقل الإسلامى، ثم غرقت الأمة العربية كلها مع هذا الإحساس حتى وقتنا الحاضر.

كان هدف أركون البعيد من إعادة فحصه للتراث العربى والإسلامى فى أدبياته الكبرى، لاسيما العقلى منها هو إبراز ما لهذا التراث من قيمة معاصرة وحداثية، ينبغى البناء عليها والاستفادة منها، وما على هذا التراث من مآخذ ينبغى التخلص منها واعتبارها من مخلفات الماضى والتعامل معها على أنها تخص آخرين لا يعيشون بيننا، وذلك عبر قراءة «اللامفكرفيه» «المكبوت الحضارى»، ومعنى التاريخية والمنسى من هذا التراث، ومساءلة الخطاب الدينى الذى يحصر الإنسان العربى فى مفاهيم الهدى والتقوى، وحظيرة الحاكم الملهم، وكانت نتيجة هذا الخطاب الذى هيمن هى الفتن والحروب الطائفية والمذهبية، واستقلال الدين لأهداف سياسية واقتصادية وهيمنة المشايخ ورجال الدين على المشهد العام، وإخفاء العالم والمفكر والمخترع واعتباره شخصا معقدا كارها للدين لنمط الحياة الإسلامى.

قبل أن يقدم أركون مشروعه الكبير الذى أفنى فيه عمره، قام بقراءة كل المشاريع الفكرية التى تصدت للتراث وخصائص كل قراءة والهدف النهائى منها، وكونها تخدم أى مشروع سياسى لحاكم ما، ورأى أركون أن قراءة التراث لابد أن نخرج من فكرة خدمة المصالح الأنتية للحكام العرب، أو التخديم على مشروع فكرى لأى نظام سياسى، بل هى قراءة ينبغى أن تأخذ فى الاعتبار خدمة العقل العربى والإسلامى ونقله من حالة التخلف والجهل إلى حالة الفعل والمشاركة الحضارية، إن التفكير فى التراث فى رأى أركون يتطلب تجاوز التفكير الإيجابى، أى التفكير فيما هو مفكر فيه، ومعترف به فكريا على صعيد المؤسسات الدينية الحكومية والسياسية، إلى التفكير السلبى، أى قراءة المسكوت عنه واللا مفكر فيه بأدوات ومنهجيات جديدة، لتجنب أحكام المستشرقين، أو الوقوع فى فخ حصار التاريخ للعقل العربى.

هدف مشروع محمد أركون فى قراءة التراث إلى هدم مقولة «الإسلام هو الحل» كما يرى د. زهير توقيق، فى توصفه لمشروع محمد أركون:«إذ يستهدف مشروع فهم التراث وتقويمه لتجاوز عناصره الميتة التى فقدت مشروعية استمرارها، والاحتفاظ فقط بما هو إيجابى لاستكمال مشروع الحداثة والتحديث، وتحويل التراث من قوة معيقة للتحرر، إلى قوة محررة للذات برغم قناعته المسبقة بفشل التيارات السلفية وعجزها عن الرد وتعويض حالة الاستلاب والاقتلاع وفقدان الهوية التى يعيشها العرب برغم الإلحاح والشعارات المرفوعة عن تطبيق الشريعة وشعار الإسلام هو الحل».

برغم أن أركون من أبرز وأهم العقول العربية الإسلامية التى وقفت بجدية لنقد التراث الإسلامى، ولتجديد الخطاب الدينى، فإنه يظل مقصورا على النخبة أو على نخبة النخبة، وبعض المستشرقين، وضاعت جهوده وجهود غيره هباء، حتى بعض المستشرقين الذين لا يختلف أركون مع الجادين منهم والموضوعيين فى رؤيتهم للتراث الإسلامى، ضاعت، وكان أركون قادرا على الفرز بين نوعيات المستشرقين الذين يقصدون إلى المعرفة وبين الذين يخدمون مخططات دولهم مثل رينا وجولة زير، مثلهم فى ذلك بالضبط مثل المفكرين العرب الذين يذهبون إلى التراث وينتقون منه ما يخدم هدف ساستهم وحكامهم، ومثل الفقهاء العرب الذين أصبح الخطاب الدينى التقليدى مصدر رزق لهم، جنوا من ورائه القصور والفيلات العربات الفارهة وظلت شعوبهم تحت وطأة الفقر والجهل والمرض، ويدلل أركون على هذه القراءة المغرضة من قبل الطرفين المفكرين والفقهاء بمقولة واشتراكية الإسلام، أيام حكم الاشتراكية وسيادتها فى العالم العربى، ثم مقولة الإسلام مع الحرية الاقتصادية مع سيادة وانتصار النمط الرأسمالى، أى أن الإسلام نفسه بجملته صار فى خدمة مشروع اقتصادى سياسى مهمين عالميا، وتراكمت عليه المقولات، حتى أصبحنا لا نعرف أيها هو الإسلام بالضبط.

ذهب أركون أخيرا إلى جوانب مهمة فى التراث الإسلامى وأعاد قراءتها مثل: المنسى أو المهمل، والمفكر واللامفكر فيه وطبق عليه مناهج علمية تعلمها فى الغرب ليخرج منه بالقيم المضيئة والباقية، أى أنه أضاء التراث بعلوم الحداثة ونقده من خارجه، كما نقده من داخله فى العديد من الأبحاث والدراسات التى لا تزال مجهولة للقارىء العربى.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]