العقل فى مواجهة جماعات تقدس الخرافة.. فكرة خبيثة صنعها الاستعمار

كتب – مصطفي عبادة – الأهرام العربي.

الدولة تحارب الإرهاب، ستضحك حتى تستلقى على قفاك، إن طقت الضحك، الدولة لا تسمح لمفكر أن يفكر، أو لخارج على التقاليد أن ينجو، فماذا لو أن على مبروك – مثلا – هو نجم الفضائيات؟ وماذا لو أن نصر حامد أبوزيد لم يفرق عن زوجته ويهاجر إلى هولندا وظل يدرس لطلابه فى جامعة القاهرة وغيرها من الجامعات ما كان يدرسه؟ فهل كان طه حسين إلا فردا غير أمته؟ وهذا ما دعاه الذكى صلاح عبدالصبور «تنازع شرف العقل»، حيث تختصم الأمة حل مفكر ما، تحتفل به وبذكراه حتى لو لم يكن من أبنائها، فتنازع الأمم الشرف، كما تتنازع الأرض والمال، وآثر ألوان الشرف لدى الأمم هو شرف العقل والتنازع عليه أكرم ألوان التنازع وأحقها بالتقدير.

نحن نشرد عقولنا، لكننا نسمح لجماعات بالعمل حتى لو كانت جماعات تقدس الخرافة، وتشيع الجهل، فتحالف معها، لأنها أداة ضبط اجتماعى، فهل خرجت علينا يوما ما جماعة بفكرة للنهوض بهذا الشعب؟ هل تبنت جماعة من جماعاتنا المتكاثرة كالفطر، مذهبا فكريا أو فلسفيا أو م شروعا تعليميا؟ الأفكار كلها والاهتمام بالنهوض بجملته هو هم أفراد نابهين، فإذا كانت جماعة الإخوان المسلمين مثلا ظلت تطمح للوصول إلى السلطة وحققت ذلك فإن مشروعها هو تنظيمى، اجتماعى، لا علاقة له بالفكر، والسلفيون أضل سبيلا ومشروعهم تجارى، يرى الأفضلية فى الزمان للماضى لا المستقبل، والماضى تم وانتهى، واكتملت أركانه، ولا يصح تأمله إلا كتاريخ، وللمستقبل مواصفات أخرى، الجماعات الهوياتية كارثة على مصر، وعلى الأمة العربية، عرفناها وخبرناها على جلودنا، ومن لحم أجسادنا الحى، الجماعات تريد ومجنا فى تصورها، كأننا ثابتون ساكنون، لا نعرف الحركة، وهكذا ينشأ الصراع الذى يستنزف الأفراد والمؤسسات والحكومات، ويدمر الشعوب.

الجماعات الفكرة الخبيئة التى خلقها الاستعمار، ومعنى الجماعة من أخطر المفاهيم، وقديما وصفنا اللورد كرومر فى كتابه «مصر الحديثة» – صدرت له طبعة حديثة بالمناسبة عن المركز القومى للترجمة فى جزءين – بأننا عبارة عن تكتل من الجماعات المختلفة، وأراد أن يرسخ المفهوم حتى يستقر فى وعينا، ونعمل بهدى منه، إن مصر فى رأى اللورد كرومر تتكون من جماعات منفصلة عن بعضها تتمثل فى المسلمين والمسيحيين والأوروبيين والآسيويين والأفارقة، أضف أنت من عندك، من داخل المسلمين جماعة الإخوان، وجماعة السلف، والجماعة الإسلامية، وهم جزء، وكلها سيصبح لها مصالح فى الحك لا ينبغى الإضرار بها، وعليه فإن أية حكومة فى مصر أو حكم، لا يكون عمليا، أو قابلا للتحقق بغير أضرار بمصالح أى من هذه المجموعات، لا مرحى: عمليا يعنى استحالة أن تكون مصر دولة واحدة فى ظل وجود هذه الجماعات.

هذه الجماعات تتنازع على التراث القديم، بدلا من التنازع على شرف العقل، وحيرت التراث صخرة سيزيف، ما إن نوشك أن نصعد بها إلى مستقرها الأخير، وندفنها فى تاريخها، حتى تهبط علينا من علٍ مرة أخرى، جارفة فى طريقها أعمارا وأجيالا وأمولا، وكل إمكانية للحركة خطوة واحدة إلى الأمام، فتكرر أسئلة كنا طرحانها، نحن أنفسنا منذ عقد أو أقل، وطرحها قبلنا آخرون، كل عقد أو أقل، ضخرة سيزيف يا مولانا، ضخرة سيزيف صنعت الأسطورة لنا، وليس لغيرنا، وصرنا ضحيتها التراجيدية، ذلك كى يحيا مجموعة من البشر حكاما وجماعات فى بلهنية من العيش، تريدون دليلا؟ تعالوا نفهم ما جرى فى مشروعات نهضوية لأفراد أفذاذ، جرت فى القرن العشرين، وتأريخها جرى على مراحل، تمثلت جذورها فى التفسير والتأويل المتخلف للدين:

وحركة التنوير تمثلت فى التأويل والتفسير المتخلف للدين.

المرحلة الأولى: هى مرحلة التنوير منذ رفاعة الطهطاوى، وهذه المرحلة شهدت ضغطا شديدا من القوى الرجعية التى فرضت فهما خاطئا للدين، وجعلته معيارا وحيدا للصواب والخطأ، وبالتالى فشل مشروع الطهطاوى.

والمرحلة الثانية جاءت على يد مفكرين شوام، فى القرن التاسع عشر مثل: شبلى شميل، وفرح أنطون، ونيقولا حداد، وروز حداد، وهى مجموعة كانت تعانى اضطهاد الدولة العثمانية، ولما جاءت إلى مصر، ميزها الاحتلال البريطانى، فكان يعطيها الأفضلية على المصريين فى الوظائف، فصارت تؤيد الاحتلال وتتحدث عن الليبرالية، مثلما جرى فى معركة مد امتياز قناة السويس، التى نظر إليها فرح أنطون نظرة فلسفية حينما قال: حقوق العالم أهم من حقوق الأمم، وحقوق الأمم أولى من حقوق الأفراد، و بالتالى حق العالم فى قناة السويس مقدم على حق مصر فيها، الأمر الذى يتعارض مع مشاعر المصريين الذين طالبوه بأن يرحل مع فلسفته ويتركهم فى جهلهم.

أما المرحلة الثالثة، وهى الأغرب فقد تكونت من أبناء كبار الملاك الذين سافروا إلى فرنسا وإنجلترا للتعليم وعادوا بقيم وأفكار جديدة مثل: أحمد لطفى السيد، ومحمد حسين هيكل، ومصطفى وعلى عبدالرازق، والغريب فى الأمر أنهم كانوا ليبراليين فكرا، متهادنين مع الاستعمار سياسة، وضد العدل الاجتماعى من ناحية ثالثة، وكان عكسهم سعد زغلول الذى دافع عن الفقراء وعن الحرية والاستقلال، وكان يخاف من الليبرالية حرصا على شعبيته، وهو الذى صك مصطلح المجلس سيد قراره، وموقفه من طه حسين وكتابه فى الشعر الجاهلى أوضح مثال على ذلك، لكن نظيره أحمد لطفى السيد استقال من الجامعة تضامنا مع طه حسين، إذن الليبرالية عاشت مشوهة دائما فى مصر، لكن الضربة القاصمة جاءت على يد المتشددين الإسلاميين، وعلى رأسهم الشيخ رشيد رضا ومحيى الدين الخطيب اللذان شنا حملة ضارية على العناصر الليبرالية واتهموها بالكفر والإلحاد ومعاداة الإسلام، فقط لأن من بين الليبراليين سلامة موسى، الأمر الذى دفعهم إلى وصف الليبرالية بأنها حملة نصرانية لهدم الإسلام، ولأن الليبراليين أبناء كبار الملاك تراجعوا على الفور، أو سكتوا عن المناداة بالليبرالية.

المرحلة الرابعة بدأت فى الأربعينيات من القرن الماضى وتضم محمد مندور ومحمود خطاب، وميريت غالى، وجماعة النهضة المصرية، وهذه الأسماء حققت تقدما كبيرا.

ثم جاء ظهور الثروة النفطية، التى أشاعت المناخ المعادى للتنوير والعلمانية، بقياد حكومات نجحت فى إفشاء هذا المناخ من خلال الأموال التى ضختها عبر الميديا والفضائيات لأن هذا يساعدهم فى السيطر على المجتمع، وبالتالى البقاء فى كراسى الحكم، ومن لم تفسده أموال الفضائيات والصحف، سافر إلى هناك للعمل، وعاد بقيم البداوة والتخلف.

كما أن المفكرين المنوط بهم قيادة المجتمع إلى آفاق التنوير، هم أيضا اضطروا إلى منافقة المناخ العام خشية وصفهم بالكفر والإلحاد، وبعضهم ارتكن إلى أحضان سلطة حامية، كان من الأولى العمل ضدها، لا معها أو من خلالها.

وظل الشعب على حاله جاهلا صابرا، يربى أبناءه ويعلمهم، فلا يجدون عملا، فتتخطفهم جماعات القفز علعى الحكم تحت ستار الإسلام، ظل الشعب يسمع، ومن لم يحكم بما أنزل الله من قبل الإسلاميين المتطرفين، ويسمع من ناحية أخرى، أما أعدائى أولئك الذين لم يريدوا أن أملك عليهم فأتوا بهم إلى هنا واذبحوهم قدامى، من قبل متطرفين مسيحيين، وهكذا دواليك، ولا منجى إلا بترك الحرية للأفراد كى يفكروا، كى يخترقوا الثابت والمستقر، وحريتهم مكفولة بالدستور، لكنها مكفولة على الورق فقط.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]